من نوادر الشعر الفصيح
--------------------------------------------------------------------------------
كان أبو جعفر المنصور الخليفة العباسى يحرص على أموال الدولة فاشترط شرطآ على رابطة الأدباء أنه لا يعطى مالآ للشاعر إلا إذا كانت القصيدة من قول الشاعر . ويعطيه وزن الذى كتب عليه القصيدة ذهباً. أما إن كانت منقولة - محفوظة من قبل - لا يعطيه شئ ..
والخليفة يحفظ القصيدة من أول مرة يسمعها فيها وعنده غلام يحفظ القصيدة من مرتين وعنده جارية تحفظ القصيدة من ثلاث .. فيأتى الشاعر المسكين وقد نظم قصيدة طول الليل :-
السلام عليكم يا أمير المؤمنين .. وعليكم السلام .. أنا شاعر فحل .. ما فحولتك ؟! ..نظمت قصيدةً طويلة من قولى .. قل .. فيقول قصيدته .. فيقول الخليفة : إننى أحفظها منذ زمن بعيد ويقولها له .. فيتعجب الشاعر : توارد الأفكار فى بيت أو بيتين أما القصيدة كلها .. كيف ؟! .. يقول الخليفة : لا وهناك غيرى .. أحضروا فلان .. فيحضرون الغلام من خلف الستار وقد سمع القصيدة ثم يدخل .. تعرف قصيدة فلان .. يقول .. نعم .. فيقولها .. يقول الشاعر : هه ! .. فيقول الخليفة : لا .. وهناك غيره .. أحضروا فلانة .. فتأتى الجارية .. تحفظين ؟ : نعم .. فتقولها لهم .. فإذا قالتها فيقول الشاعر : لا .. أنا لست بشاعر .. ويذهب و هناك فى مكانهم يتجمعون ويتشاكون ويتلاومون .. فجاءهم الأصمعى : مالكم يا قوم .. ألا ترى ما نحن فيه ؟! .. أما تعلم ما بلغنا ؟! .. نكتب القصيدة طول الليل من بنيات أفكارنا .. ثم نكتشف أن ثلاثة يحفظونها قبلنا .. قال أوحدث هذا .. قالوا نعم .. قال أين ؟! .. قالوا عند أمير المؤمنين .. قال : إن فى الأمر مكر وحيلة .. دعوا الأمر لى .. فقام ونظم قصيدة ملونة الموضوعات .. إلتقط فيها بعض الكلمات .. ثم تنكر حتى لا يُعرف .. لبس لِبس الأعراب وعمل رأسه جدائل وأوقفها كالقرون ثم ربطها بعصابة ولبس جلد شاه وجر ناقته خلفه ودخل المجلس حافياً .. السلام عليك يا أمير المؤمنين .. وعليك السلام .. أنا شاعر من أعراب الموصل .. قال أتعرف الشروط .. قال نعم .. ان كانت من قولى أعطيتنى وزن الذى كتبته عليه ذهب .. قال نعم .. قل .. واسترخى الخليفة
قال :
صَوتُ صفيرِ البلبلِ....هَيج قلبى الثملِ
الماء والزهــــر معَ .... مع زهــر لَحظِ المقلِ
قال سهلة . إلى الآن سهلة .. هه .. قال
صَوتُ صَفيرِ البلبلِ ... هَيجَ قلبى الثملِ
الماءُ والزهرُ معَ ... معَ زَهرِ لَحظِ الـمُقَلِ
وأنتَ يا سَيدلى ... وسيدى وموللى
فكم فكم تـَيمُنى ... غُزَيـِلٌ عَقيقلى
قَطَفتــَه من وَجنةٍ ... من لَـثم وردِ الخَجَلِ
فقال لا لا .. لا لا لا ... وقد غَدىَ مُهرولِ
والخوضُ مالت طَرباً ... مِن فِعلِ هذا الرجلِ
فوَلولت ..و وَلولت ... وَلى .. وَلى يا وَيللى
فقلتُ لا تـولولى ... وبينى اللؤلؤَ لى ِ
قالت له حِين كذا ... إِنهض وأجـِد بالنُـقَلِ
وفِتيةً سَـقَـــــوننى ... قَهوةً كالعسلَلى
شَممتها بأنــَـفِى ... أذكىَ من القَـرنفُلِ
فى وَسط بُستانٍ حُلى ... بالزهرِ والسرورُلى
والعودُ دَن دَن دنلى ... والطبلُ طَب طَب طبلى
طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ ... طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ طبلى
والسَقفُ سَق سَق سَقلى ... والرقصُ قد طاب إِلى
شوا شوا وشاهِشوا ... على وَرقٍ سِفرجَلى
وغَردَ القِمرى يَصيحُ ... مَلَلٍ فى مَلـلِ
ولو ترانى راكباً ... على حمِارٍ أهزلِ
يمشى على ثلاثةٍ ... كمَشيةِ العَرنجلِ
والناسُ ترجمَ جملى ... فى السوق بالقُـلقُـللى
والكلُ كع كع كعيكع ... خَلفى ومن حُـوَيللى
لكن مَشَيتُ هارباً ... من خَشيَة العَقنقلِ
إلى لقاءِ ملكٍ ... مُعَظمٍ مبجلِ
يأمرنى بخلعةٍ ... حمراء كالدَمدملى
أجُـرُ فيها مَاشياً ... مُبغدِداً للذيلِ
أنا الأديبُ الألمعى ... من حىِ أرضِ الموصلِ
نَظمتُ قِطعاً زُخرِفت ... يَعجزُ عنها الأدبلِ
أقولُ فى مطلَعِها ... صَوتُ صَفيرِ البلبلِ
عصر الخليفة ذاكرته .. ما طلع بشئ . قال يا غلام . وإذا الغلام .!!. يا جاريه .. قالت والله يا أمير المؤمنين لم أسمع بها من قبل .. عند ذلك قال يا أعرابى , إحضر ما كتبته عليها لنزنه ونعطيك وزنه ذهباً ... قال ورثت عمود رخام من أبى نقشت عليه القصيدة نقشآ وهو على ظهر الناقه .. لا يحمله إلا أربعة من الجنود .. فانهار الخليفة وجئ بالعمود والناس تنظر و وُضِع فى الميزان .. فأخذ كل ما فى الخزنة .... أ.ه
--------------------------------------------------------------------------------
كان أبو جعفر المنصور الخليفة العباسى يحرص على أموال الدولة فاشترط شرطآ على رابطة الأدباء أنه لا يعطى مالآ للشاعر إلا إذا كانت القصيدة من قول الشاعر . ويعطيه وزن الذى كتب عليه القصيدة ذهباً. أما إن كانت منقولة - محفوظة من قبل - لا يعطيه شئ ..
والخليفة يحفظ القصيدة من أول مرة يسمعها فيها وعنده غلام يحفظ القصيدة من مرتين وعنده جارية تحفظ القصيدة من ثلاث .. فيأتى الشاعر المسكين وقد نظم قصيدة طول الليل :-
السلام عليكم يا أمير المؤمنين .. وعليكم السلام .. أنا شاعر فحل .. ما فحولتك ؟! ..نظمت قصيدةً طويلة من قولى .. قل .. فيقول قصيدته .. فيقول الخليفة : إننى أحفظها منذ زمن بعيد ويقولها له .. فيتعجب الشاعر : توارد الأفكار فى بيت أو بيتين أما القصيدة كلها .. كيف ؟! .. يقول الخليفة : لا وهناك غيرى .. أحضروا فلان .. فيحضرون الغلام من خلف الستار وقد سمع القصيدة ثم يدخل .. تعرف قصيدة فلان .. يقول .. نعم .. فيقولها .. يقول الشاعر : هه ! .. فيقول الخليفة : لا .. وهناك غيره .. أحضروا فلانة .. فتأتى الجارية .. تحفظين ؟ : نعم .. فتقولها لهم .. فإذا قالتها فيقول الشاعر : لا .. أنا لست بشاعر .. ويذهب و هناك فى مكانهم يتجمعون ويتشاكون ويتلاومون .. فجاءهم الأصمعى : مالكم يا قوم .. ألا ترى ما نحن فيه ؟! .. أما تعلم ما بلغنا ؟! .. نكتب القصيدة طول الليل من بنيات أفكارنا .. ثم نكتشف أن ثلاثة يحفظونها قبلنا .. قال أوحدث هذا .. قالوا نعم .. قال أين ؟! .. قالوا عند أمير المؤمنين .. قال : إن فى الأمر مكر وحيلة .. دعوا الأمر لى .. فقام ونظم قصيدة ملونة الموضوعات .. إلتقط فيها بعض الكلمات .. ثم تنكر حتى لا يُعرف .. لبس لِبس الأعراب وعمل رأسه جدائل وأوقفها كالقرون ثم ربطها بعصابة ولبس جلد شاه وجر ناقته خلفه ودخل المجلس حافياً .. السلام عليك يا أمير المؤمنين .. وعليك السلام .. أنا شاعر من أعراب الموصل .. قال أتعرف الشروط .. قال نعم .. ان كانت من قولى أعطيتنى وزن الذى كتبته عليه ذهب .. قال نعم .. قل .. واسترخى الخليفة
قال :
صَوتُ صفيرِ البلبلِ....هَيج قلبى الثملِ
الماء والزهــــر معَ .... مع زهــر لَحظِ المقلِ
قال سهلة . إلى الآن سهلة .. هه .. قال
صَوتُ صَفيرِ البلبلِ ... هَيجَ قلبى الثملِ
الماءُ والزهرُ معَ ... معَ زَهرِ لَحظِ الـمُقَلِ
وأنتَ يا سَيدلى ... وسيدى وموللى
فكم فكم تـَيمُنى ... غُزَيـِلٌ عَقيقلى
قَطَفتــَه من وَجنةٍ ... من لَـثم وردِ الخَجَلِ
فقال لا لا .. لا لا لا ... وقد غَدىَ مُهرولِ
والخوضُ مالت طَرباً ... مِن فِعلِ هذا الرجلِ
فوَلولت ..و وَلولت ... وَلى .. وَلى يا وَيللى
فقلتُ لا تـولولى ... وبينى اللؤلؤَ لى ِ
قالت له حِين كذا ... إِنهض وأجـِد بالنُـقَلِ
وفِتيةً سَـقَـــــوننى ... قَهوةً كالعسلَلى
شَممتها بأنــَـفِى ... أذكىَ من القَـرنفُلِ
فى وَسط بُستانٍ حُلى ... بالزهرِ والسرورُلى
والعودُ دَن دَن دنلى ... والطبلُ طَب طَب طبلى
طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ ... طَبِ طَبِ طَبِ طَبِ طبلى
والسَقفُ سَق سَق سَقلى ... والرقصُ قد طاب إِلى
شوا شوا وشاهِشوا ... على وَرقٍ سِفرجَلى
وغَردَ القِمرى يَصيحُ ... مَلَلٍ فى مَلـلِ
ولو ترانى راكباً ... على حمِارٍ أهزلِ
يمشى على ثلاثةٍ ... كمَشيةِ العَرنجلِ
والناسُ ترجمَ جملى ... فى السوق بالقُـلقُـللى
والكلُ كع كع كعيكع ... خَلفى ومن حُـوَيللى
لكن مَشَيتُ هارباً ... من خَشيَة العَقنقلِ
إلى لقاءِ ملكٍ ... مُعَظمٍ مبجلِ
يأمرنى بخلعةٍ ... حمراء كالدَمدملى
أجُـرُ فيها مَاشياً ... مُبغدِداً للذيلِ
أنا الأديبُ الألمعى ... من حىِ أرضِ الموصلِ
نَظمتُ قِطعاً زُخرِفت ... يَعجزُ عنها الأدبلِ
أقولُ فى مطلَعِها ... صَوتُ صَفيرِ البلبلِ
عصر الخليفة ذاكرته .. ما طلع بشئ . قال يا غلام . وإذا الغلام .!!. يا جاريه .. قالت والله يا أمير المؤمنين لم أسمع بها من قبل .. عند ذلك قال يا أعرابى , إحضر ما كتبته عليها لنزنه ونعطيك وزنه ذهباً ... قال ورثت عمود رخام من أبى نقشت عليه القصيدة نقشآ وهو على ظهر الناقه .. لا يحمله إلا أربعة من الجنود .. فانهار الخليفة وجئ بالعمود والناس تنظر و وُضِع فى الميزان .. فأخذ كل ما فى الخزنة .... أ.ه