حول العالم
قاعدة الثلاثين ثانية
فهد عامر الأحمدي
- هل سمعت بهذه القاعدة من قبل !؟
... إنها ببساطة تتعلق بتقييمنا للآخرين (وأخذ فكرة عنهم) خلال أول ثلاثين ثانية من لقائنا بهم.. والأسوأ من هذا أن 90% من رأينا
الثابت والدائم عنهم يتشكل لاحقا بناء على هذا اللقاء القصير.. فكم مرة مثلا دخل عليك إنسان حسن الهيئة يوحي شكله بالأهمية
ورفعة المنزلة لدرجة أثار في نفسك مشاعر التقدير والاحترام.. ولكن بعد مضي (اول ثلاثين ثانية) اكتشفت أنه إنسان بسيط
وساذج - أو ربما تافة وفارغ - لا يستحق الصورة التي رسمتها له منذ البداية فقلت في نفسك "آن لأبي حنيفة أن يمدّ قدميه"... !!
وبطبيعة الحال إن كان رأيك (الذي تشكل في أول 30ثانية) صحيحا فلا لوم عليك ولا عتاب، ولكن في حال أخطأت سيستمر رأيك ثابتا
ومقولبا إلى الأبد وهذه معضلة أخلاقية لا يجب أن تتورط بها مستقبلا...
فمن غير المنطقي - أو حتى الممكن - أن نحدد من أول لقاء ما إن كان جليسنا نبيلا أم خبيثا، واثقاً أم متردداً، قوي العزيمة أم
متخاذلاً.. وحين يذهب لحال سبيله يزداد انطباعنا الأول قوة ورسوخاً حتى لو أوحت اللقاءات التالية بشيء معاكس تماما.. فإن
أخذنا عنه فكرة انه جبان مثلا ثم رأينا له موقف يثبت العكس سنعتبر ذلك من قبيل الادعاء وطمس الحقائق، وإن أخذنا عنه
فكرة أنه مجتهد أو منتظم ثم رأينا له تصرفاً يثبت العكس نلتمس له الأعذار ونقول "المسكين ظروفه صعبة" !!“
ولكن الحقيقة هي أن طريقة التقييم نفسها تعد خاطئة وتثبت أننا نملك عقولاً متحجرة فيما يتعلق بآرائنا في الآخرين.. والأسوأ من هذا
أنها طبيعة تلقائية وجبلة بشرية يصعب تغييرها- أو نقلها من حيز اللاوعي - مالم نتربّ عليها أو نعيها بشكل واضح..
وتؤكد هذه الحقيقة دراسة أجرتها جامعة بوردو الفرنسية (حول تأثير هيئة الشخص على المحكمة) أثبتت أن الشاهد الأنيق يوحي
للمحلفين بالاحترام والمصداقية في حين يوحي الشاهد البسيط بالكذب والمبالغة.. وفي بحث مكمل شاهد 96متطوعاً تسجيلات
لأناس يدلون بشهاداتهم (منهم الكاذب والصادق) ثم طلب منهم إبداء رأيهم فيما سمعوه.. وبعد فرز النتائج ثبت أن المتطوعين
مالوا إلى تأييد المهندمين أصحاب الملامح الجذابة بغض النظر عن صحة المعلومات التي أوردوها !!
... أيضا هناك دراسة قام بها عالم النفس مايكل غالتر (أستاذ علم النفس في جامعة نورث كارولاينا) اتضح من خلالها أن
الناس يصدرون أحكاماً سريعة وغير واعية اعتمادا على الملامح الخارجية للآخرين ؛ فالصلع مثلا يوحي بالذكاء والألمعية. واللحية
تجعل أصحابها أكثر وقاراً وصرامة، أما الابتسامة الدائمة فتترك اثرا مريحا وتزيل كل ظن سالب - في حين توحي العيون الكبيرة بالنزاهة وطيبة القلب- !
... على أي حال...
رغم اعترافي بأن الانطباعات الأولى ليست جميعها خاطئة أو غير صحيحة (كون بعضها نتاج خبرة وتجربة) إلا أنني
أطالب بنقلها من حيز التقائية واللاوعي إلى حيز الوعي والنقد المحايد..
وبدل أن نشكل آراءنا في الآخرين خلال أول 30ثانية (ياليت نمسك أنفسنا) ونؤجلها ل 30يوما من التعامل الحقيقي والتواصل الجاد...
قاعدة الثلاثين ثانية
فهد عامر الأحمدي
- هل سمعت بهذه القاعدة من قبل !؟
... إنها ببساطة تتعلق بتقييمنا للآخرين (وأخذ فكرة عنهم) خلال أول ثلاثين ثانية من لقائنا بهم.. والأسوأ من هذا أن 90% من رأينا
الثابت والدائم عنهم يتشكل لاحقا بناء على هذا اللقاء القصير.. فكم مرة مثلا دخل عليك إنسان حسن الهيئة يوحي شكله بالأهمية
ورفعة المنزلة لدرجة أثار في نفسك مشاعر التقدير والاحترام.. ولكن بعد مضي (اول ثلاثين ثانية) اكتشفت أنه إنسان بسيط
وساذج - أو ربما تافة وفارغ - لا يستحق الصورة التي رسمتها له منذ البداية فقلت في نفسك "آن لأبي حنيفة أن يمدّ قدميه"... !!
وبطبيعة الحال إن كان رأيك (الذي تشكل في أول 30ثانية) صحيحا فلا لوم عليك ولا عتاب، ولكن في حال أخطأت سيستمر رأيك ثابتا
ومقولبا إلى الأبد وهذه معضلة أخلاقية لا يجب أن تتورط بها مستقبلا...
فمن غير المنطقي - أو حتى الممكن - أن نحدد من أول لقاء ما إن كان جليسنا نبيلا أم خبيثا، واثقاً أم متردداً، قوي العزيمة أم
متخاذلاً.. وحين يذهب لحال سبيله يزداد انطباعنا الأول قوة ورسوخاً حتى لو أوحت اللقاءات التالية بشيء معاكس تماما.. فإن
أخذنا عنه فكرة انه جبان مثلا ثم رأينا له موقف يثبت العكس سنعتبر ذلك من قبيل الادعاء وطمس الحقائق، وإن أخذنا عنه
فكرة أنه مجتهد أو منتظم ثم رأينا له تصرفاً يثبت العكس نلتمس له الأعذار ونقول "المسكين ظروفه صعبة" !!“
ولكن الحقيقة هي أن طريقة التقييم نفسها تعد خاطئة وتثبت أننا نملك عقولاً متحجرة فيما يتعلق بآرائنا في الآخرين.. والأسوأ من هذا
أنها طبيعة تلقائية وجبلة بشرية يصعب تغييرها- أو نقلها من حيز اللاوعي - مالم نتربّ عليها أو نعيها بشكل واضح..
وتؤكد هذه الحقيقة دراسة أجرتها جامعة بوردو الفرنسية (حول تأثير هيئة الشخص على المحكمة) أثبتت أن الشاهد الأنيق يوحي
للمحلفين بالاحترام والمصداقية في حين يوحي الشاهد البسيط بالكذب والمبالغة.. وفي بحث مكمل شاهد 96متطوعاً تسجيلات
لأناس يدلون بشهاداتهم (منهم الكاذب والصادق) ثم طلب منهم إبداء رأيهم فيما سمعوه.. وبعد فرز النتائج ثبت أن المتطوعين
مالوا إلى تأييد المهندمين أصحاب الملامح الجذابة بغض النظر عن صحة المعلومات التي أوردوها !!
... أيضا هناك دراسة قام بها عالم النفس مايكل غالتر (أستاذ علم النفس في جامعة نورث كارولاينا) اتضح من خلالها أن
الناس يصدرون أحكاماً سريعة وغير واعية اعتمادا على الملامح الخارجية للآخرين ؛ فالصلع مثلا يوحي بالذكاء والألمعية. واللحية
تجعل أصحابها أكثر وقاراً وصرامة، أما الابتسامة الدائمة فتترك اثرا مريحا وتزيل كل ظن سالب - في حين توحي العيون الكبيرة بالنزاهة وطيبة القلب- !
... على أي حال...
رغم اعترافي بأن الانطباعات الأولى ليست جميعها خاطئة أو غير صحيحة (كون بعضها نتاج خبرة وتجربة) إلا أنني
أطالب بنقلها من حيز التقائية واللاوعي إلى حيز الوعي والنقد المحايد..
وبدل أن نشكل آراءنا في الآخرين خلال أول 30ثانية (ياليت نمسك أنفسنا) ونؤجلها ل 30يوما من التعامل الحقيقي والتواصل الجاد...