مهدي ربيع من المنامة - - 13/09/1429هـ
تلاحق شبهة "استغلال العميل" عمل المصارف الإسلامية بسبب ارتفاع العوائد التي تتقاضاها من العملاء نظير خدماتها، إذ ترى بعض الدراسات الاقتصادية العلمية أن البنوك الإسلامية لا تزال تحصل على نفس سعر الفائدة "المحرم" والمحدد سلفا في معظم الأحيان نظير ما تسميه خدمات وشؤونا إدارية، أسوة بحصول المصارف التقليدية على "ربح" أو فائدة، موضحة أن ذلك يعني "اختلافا في التسمية" بينما المضمون واحد.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
أكد لـ " الاقتصادية " الدكتور محمد نعمان جلال مستشار الدراسات الاستراتيجية والدولية في مركز البحرين للدراسات والبحوث والمشرف على إصدارات الصيرفة الإسلامية في المركز أن بعض الدراسات الاقتصادية العلمية ترى أن البنوك الإسلامية تحصل على نفس سعر الفائدة "المحرم" والمحدد سلفا في معظم الأحيان نظير ما تسميه خدمات وشؤون إدارية، وتقول إنه "اختلاف في التسمية" مع الفائدة الربوية، مشيرا إلى أن من بين التساؤلات المثارة حول تلك البنوك هو تقاضيها عائدا يفوق "فائدة" المصارف التقليدية، ما يطرح شبهة استغلال العميل.
وتوقع جلال استمرار تباين الاجتهادات والآراء الصناعة المصرفية الإسلامية، بيد أنه شدد على أن ذلك لن يؤثر في نمو المصارف الإسلامية ولا منتجاتها بما في ذلك الصكوك، والأهم أنه لن يؤثر أيضا في صناديق التحوط الإسلامية، متوقعا أيضاً استمرار الجدل حول " كافة أدوات التمويل الإسلامي".
وقال جلال إن بعض الدراسات الاقتصادية العلمية لا تزال ترى أن البنوك الإسلامية تحصل على نفس سعر الفائدة "المحرم" والمحدد سلفا في معظم الأحيان نظير ما تسميه خدمات وشؤون إدارية، أسوة بحصول المصارف التقليدية على "ربح" أو فائدة، مشيرا إلى أن ذلك يعني "اختلافا في التسمية" بينما المضمون واحد.
وذكر أن قسما في المدرسة المصرفية الإسلامية يعتبر أن تحديد الفائدة سلفا "لا يمنع من التعامل مع البنوك"، وبالتالي هو ليس ربا أو حراما " لأن الربا الأصلي هو الذي كان سائدا في عصر الجاهلية وبداية نشأة الإسلام، والذي كان يرتكز على استغلال حاجة الفقير والمحتاج "، منوها إلى أنها تؤكد أيضا على أن الفائدة التي يتقاضاها المودعون من المصارف التقليدية اليوم أو التي يدفعونها على شكل قروض " ليست لسد حاجة فقير"، وإنما لأغراض استثمارية، ما يعني أن عنصر الاستغلال قد انتفى.
وأشار مستشار الدراسات الاستراتيجية والدولية في مركز البحرين للدراسات والبحوث والمشرف على إصدارات الصيرفة الإسلامية في المركز إلى أن القسم الآخر من هذه المدرسة يفيد أن تحديد و أخذ الفائدة بعنوان " خدمات إدارية "، هو تغيير في المسمى، باعتبار أن المضمون واحد .
وبحسب جلال الذي تجاوزت قراءته وخبرته في مجال الاقتصاد الإسلامي 15 عاما، فإنه كان سابقا يميل إلى القول إن الفائدة في البنوك التقليدية ليست حراما، مستدلا على ذلك بكتاب "المعاملات في الإسلام للشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر".
وتابع "الفائدة لا تزال مثار جدل في الفقه الإسلامي التقليدي، فهناك من يجيزها، وهناك من يحرمها"، لافتا إلى أن الشيخ الطنطاوي و المرحوم الشيخ محمود شلتوت من المدرسة التقليدية التي تقول بعدم حرمة الفائدة في المصارف التقليدية.
وقال إن القسم الأول من المدرسة الثانية يرتكز على المفاهيم الإسلامية التقليدية مثل المضاربة والمرابحة والإجارة، وان البنك لا يتقاضى شيئا محددا، وإنما تبعا "للربح والخسارة "،غير أنه أوضح أن هناك تساؤلات أثيرت خلال الممارسة العملية للأدوات المصرفية الإسلامية من بينها أنها اقتصرت على الأدوات القديمة التي نشأت مع بداية الدولة العباسية وبداية الحضارة الإسلامية، وتستخدم المصطلحات نفسها، في حين أن الحياة الاقتصادية تنوعت وأصبحت أكثر تعقيدا.
وتابع "أما التساؤل الآخر في هذا الصدد فيتعلق بالمصارف الإسلامية التي تميز بين مجموعتين من العملاء: هما المساهمون وتقدم لهم نسبة عالية من الأرباح، والمتعاملون الذين يحصلون على نسبة محدودة من سعر الربح تكاد تقترب من سعر الفائدة في البنوك التقليدية"، مضيفا "أما التساؤل الثالث فيتضمن تقاضي البنوك الإسلامية - عمليا - فائدة ممن يلجأ إليها أعلى من نسبة الفائدة التي تتقاضاها التقليدية".
واستشهد بمثال يتعلق بشراء السيارة، حيث يشتريها البنك الإسلامي ويعيد بيعها على العميل ويتقاضى مبلغا أعلى من الفائدة العادية، في حال لو تم تقسيم المبلغ على سنوات السداد، مشيرا إلى أن "الشبهة تُثار هنا" لاستغلال العميل، وهي شبهة تتعارض مع المفهوم الإسلامي الذي يرفض الاستغلال.
وزاد "من هنا جاء برنامج البحث العلمي نتولى الإشراف عليه بمركز البحرين للدراسات والبحوث، وهدفه استيضاح واستجلاء مثل هذه الأمور وتقديم النصيحة والاستشارة العلمية للمؤسسات والمصارف الإسلامية".
ووصف المدرسة الثالثة في مجال الصيرفة الإسلامية والتي وصفها بـ "الأكثر حداثة"، أنها أكثر إنصافا في استخدام الأدوات المالية التي يقع من بينها البطاقات الائتمانية والصناديق الاستثمارية ذات العلاقة بعلوم التكنولوجيا والزراعة وغيرها، معتبرا أنها تمتاز باستخدام الأدوات المالية التقليدية في المصارف الإسلامية، وتطوير مفهوم الصيرفة والتمويل الإسلامي في عمليات المضاربة التقليدية، أو المضاربة على العقار أو المجالات المجتمعية الأخرى.
وقال جلال "إننا اليوم مع المدرسة الثالثة، لكنها بحاجة لتعميق المفاهيم الإسلامية"، بيد أنه توقع استمرار الجدل حول "كافة أدوات التمويل الإسلامي"، مرجعا ذلك إلى أن الفكر الإنساني قائم على الجدل للوصول إلى الحقيقة، والفكر الإسلامي يقوم على ركيزتين: الأولى العقيدة وثقافتها، والثانية: المرونة والتطوير التي تستدعي الاستفادة من مظاهر العلوم الحديثة في جميع مناحي الحياة.
منقوولhttp://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=142062